خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م بعنوان : الحج رحلة إيمانية ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م بعنوان : الحج رحلة إيمانية ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 20 ذو القعدة 1444هـ ، الموافق 9 يونيو 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحج رحلة إيمانية.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحج رحلة إيمانية ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحج رحلة إيمانية ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م بعنوان : الحج رحلة إيمانية ، للدكتور محروس حفظي :
(1) الحجُّ يُذكرُكَ بالآخرةِ.
(2) أهمُّ مقاصدِ الحجِّ في الإسلامِ.
(3) بشرَى يزفُّهَا الرسولُ ﷺ لِمَن لم يقدرْ على الحجِّ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م بعنوان : الحج رحلة إيمانية ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
خطبة بعنوان: «الحجُّ رحلةٌ إيمانيةٌ» بتاريخ 20 ذو القعدة 1444 ه = الموافق 9 يونيو 2023 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمّا بعدُ ،،،
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م
(1) الحجُّ يذكرُكَ بالآخرةِ: أيُّها الأخوةُ الأحبابِ:
إنّ رحلةَ الحجِّ تذكرُ الإنسانَ باليومِ الآخرِ بدءً بالتجردِ مِن المخيطِ، وارتداءِ ثيابِ الإحرامِ التي تشبهُ أكفانَ الموتَى وقبل ذلك سفرهُ عن الأوطانِ، ووداعهُ لأهلهِ وأقاربهِ، وذلك يذكرهُ بسفرهِ الأخيرِ إلى دارِ الآخرةِ، ولذا الإنسانُ ينبغِي أنْ يتذكرَ بزحمةِ الطوافِ والسعيِ والرميِ ذلك الزحامَ الرهيبَ يومَ الحشرِ يومَ يقومُ الناسُ لربِّ العالمين، يومَ يجمعُ اللهُ الأولينَ والآخرينَ في صعيدٍ واحدٍ، يتذكرُ بحرارةِ الشمسِ في مكةَ يومَ تدنُو الشمسُ مِن العبادِ قدرَ ميلٍ و يتذكرُ بالتعبِ والضنكِ والعرقِ المتصببِ مِن جسدهِ وأجسادِ الناسِ مِن حولهِ ذلك اليومَ الرهيبَ والموقفَ المهولَ يومَ يبلغُ الناسُ في العرقِ مبلغًا عظيمًا، ولذا نرى أنّ القرآنَ الكريمَ قد ختمَ الحديثَ عن مناسكِ الحجِّ في “سورةِ البقرة” بالتذكيرِ بحشدِ الحشرِ الأكبرِ والذي يتجلَّى في أروعِ صورهِ يومَ عرفةَ، فقالَ ربُّنَا: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م
(2) أهمُّ مقاصدِ الحجِّ في الإسلامِ:
تحملُ فريضةُ الحجِّ في طياتِهَا الكثيرَ مِن المقاصدِ والمعاني ما يجعلُ المسلمين أشدَّ حرصًا على أدائِهَا، ومِن تلك المقاصدِ:
*تحقيقُ التوحيدِ، وإعلانُ العبوديةِ للهِ تعالى: إنَّ المسلمَ يخرجُ مِن بيتهِ تاركًا أهلَهُ ووطنَهُ ومالَهُ يرجُو رحمةَ ربِّهِ، ويخشَى عذابَهُ، يجأرُ إلى اللهِ بالدعاءِ والتهليلِ، والذكرِ والشكرِ، شعارهُ: “لبّيْكَ اللهُمّ لبّيْك، لبّيْكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ، إنّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك، لا شريكَ لك”، وبهذا تصيرُ نفسُهُ في حالةٍ مِن الشفافيةِ والنقاءِ والصفاءِ لاسيَّمَا وقد رجعَ مِن حجِّهِ كيومِ ولدتهُ أمهُ كما أخبرَ الصادقُ المعصومُ ﷺ، فالحجُّ بهذه الصورةِ وتلك الأعمالِ يجددُ الإيمانَ، ويحققُ التوحيدَ، ويظهرُ كمالَ صدقِ العبدِ في العبوديةِ المطلقةِ للهِ تعالى قالَ ربُّنَا: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
إنَّ تحقيقَ الطاعةِ للهِ تعالى، والانقيادِ لأمرهِ لهُو مِن أبرزِ مقاصدِ الحجِّ، ويتجلَّى ذلك في شعائرَ ربَّمَا تبدُو غيرَ معقولةٍ لدى البعضِ كتقبيلِ الحجرِ، أو السعي بينَ الصفَا والمروةِ، أو الطوافِ بالبيتِ … إلخ لكن لا شكَّ أنَّ لكلِّ هذه الأعمالِ حِكَمهَا ومقاصدهَا علمهَا مَن علمهَا، وجهلهَا مَن جهلهَا، ويجمعهَا كلهَا تحقيقُ العبوديةِ للهِ عزّ وجلّ، والسمعُ والطاعةُ لِمَا يأمرُ بهِ عبادَهُ ابتلاءً لهُم واختبارًا، وفي هذا اختبارٌ للعبادِ في مدَى طاعتهِم للهِ، فقد كلّفَهُم بمَا يعقلونَ سرَّهُ ويدركونَ مقصدَهُ، فها هو يبتليهُم بمَا لا يعقلُون أو يدركُون أسرارَهُ، فهل يطيعونَ أم يتمردون ؟ فهذا عمرُ رضي اللهُ عنه يقبلُ الحجرَ ويقولُ: “واللهِ إنِّي أعلمُ أنّك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفعُ ولولا أنّي رأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقبلُكَ ما قبلتُكَ” (متفق عليه) .
ما أحوجنَا في هذه الأيامِ أنْ نتعلمَ مِن رحلةِ الحجِّ كيف يكونُ النظامُ والانضباطُ والرقابةُ الداخلية، فقد فرضَ اللهُ تعالَى على كلِّ حاجٍّ حالةً مِن الانضباطِ لا يجوزُ لهُ فيهَا الرفثُ والفسوقُ والجدالُ إلّا أنّ هذا الحرمانَ المشروعَ محببٌ لكلِّ حاجٍّ، ولذا فهو عندما يخالفُ يكونُ راضيًا عن العقوباتِ التي توقعُ عليهِ، بل يكونُ حريصًا على أنْ ينفذَ العقوبةَ، ويدفعَ الغرامةَ، في نظمِ الناسِ لو سُجلتْ غرامةٌ بحقِّ إنسانٍ فإنّه يحاولُ أنْ يتفلتَ منها بشتّى السبلِ لكنّهُ لو فعلَ فعلًا في الحجِّ وترتبَ عليهِ فديةٌ فإنَّهُ يحرصُ على أنْ يؤديَهُ كاملةً، وهذا هو منتهَى التحكمِ والانضباطِ، والذي يحركُ ذلك كلّهُ هو استشعارُ مراقبةِ اللهِ سبحانه.
*وحدةُ الأمةِ ووحدةُ الصفِّ خاصةً في وقتِ الأزماتِ: أمرَنَا ربُّنَا في كتابهِ بضرورةِ عدمِ التفرقِ والتنازعِ، قالَ تعالَى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، وتتجلّى مظاهرُ الوحدةِ والاعتصامِ في فريضةِ الحجِّ؛ إذا الكلُّ يعبدُ ربًّا واحدًا، وقبلتُهُم واحدةٌ، وكتابُهُم واحدٌ، ورسولُهُم واحدٌ، يؤدونَ الحجَّ في أشهرٍ معلومةٍ، ويُحرمُونَ مِن مواقيتَ محددةٍ غيرِ مجهولةٍ.
*مقاصدُ إنسانيةٌ واجتماعيةٌ واقتصاديةٌ: تتمثلُ في التعارفِ والالتقاءِ مِن أجلِ تبادلِ الخبراتِ، وتحقيقِ المنافعِ الدنيويةِ والأخرويةِ، فاللهُ خلقَ البشريةَ وجعلَهَا شعوبًا وقبائلَ مِن أجلِ تحقيقِ هذا المقصدِ فقالَ ربُّنَا: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، وفي فريضةِ الحجِّ الكلُّ يُلبِّي نداءَ الرحمنِ ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ﴾، وقد جاءتْ كلمةُ “مَنافِعَ” نكرةً لتفيدَ العمومَ والشمولَ، فالحجُّ يتيحُ الفرصةَ أمامَ جموعَ المسلمين لممارسةِ أنواعِ النشاطاتِ، وأصنافِ الصفقاتِ الاقتصاديةِ، وقد ذكرتْ كتبُ أسبابِ النزولِ أنَّ بعضَ المسلمين في زمنِ النبوةِ تحرجُوا مِن ممارسةِ التجارةِ والبيعِ والشراءِ حالَ الحجِّ فأنزلَ اللهُ تعالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ﴾، فاستبشرُوا بهذا التيسيرِ الإلهِي لهُم فباعُوا واشترُوا، وعلى ذلك درجَ المسلمون، وهذا يدلُّ على أنَّ الإسلامَ دينُ عدلٍ ووسطيةٍ، فهو لا يأمرُ بأمرٍ فيهِ ضررٌ أو إجحافٌ بل كلُّ أوامرهِ ونواهيهِ تصبُّ في مصلحةِ الإنسانِ، فالحجُّ يجمعُ بينَ مصالحِ الفردِ الدنيويةِ مِن بيعٍ وشراءٍ … الخ وبينَ مقاصدِ هذه العبادةِ مِن ذكرٍ ودعاءٍ … الخ، وبهذا يعيشُ المسلمُ متوازنًا في حياتهِ بلا إجحافٍ ولا تقصيرٍ.
تابع / خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م
كما أنَّ الحجَّ يحققُ معنى المساواةِ بينَ الجميعِ حيثُ يجتمعُ المسلمونَ مِن كلِّ جنسٍ ولغةٍ ولونٍ ووطنٍ في صعيدٍ واحدٍ لباسهُم واحدٌ، وعملُهُم واحدٌ، ومكانهُم واحدٌ، ووقتهُم واحدٌ، وحدةٌ في المشاعرِ، ووحدةٌ في الشعائرِ، وحدةٌ في الهدفِ، ووحدةٌ في القولِ والعملِ، فالغنيُّ والفقيرُ، والملكُ والمملوكُ، الكلُّ يرتدِي لباسًا واحدًا لا خيطَ فيهِ، ولا ألوانَ مختلفةً لهُ، فلا يُعرَفُ فيهِم عظيمٌ مِن حقيرٍ، الكلُّ أمامَ اللهِ سواسيةٌ، ومن ثمَّ تتراجعُ هنا كلُّ الموازينِ والمعاييرِ، ولا يبقَى إلّا مقياسٌ واحدٌ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ﴾، وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ»(أحمد، وإسناده صحيح)، وعلى هذا يتربَّى المترفون أنّه مهمَا كثرتْ أموالُهُم، ومهمَا ارتفعَ رصيدُهُم، فليسَ المالُ هو المقياسُ الحقيقيُّ للتفاضلِ والتفاخرِ بل تقوَى اللهِ وإخلاصُ العبادةِ لهُ هي المقياسُ، فما فاقَ بلالٌ الحبشيُّ وصهيبٌ الروميُّ وسلمانُ الفارسيُّ أبَا جهلٍ وأبَا لهبٍ بالنسبِ ولا بالمنصبِ بل بإيمانِهِم باللهِ وحدَهُ، فتأملْ وانتبهْ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م
(3) بُشرى يزفُّهَا الرسولُ ﷺ لمَن لم يقدرْ على الحجِّ:
خصَّ اللهُ أمةَ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ أنْ شرَّعَ لها أعمالًا تعدلُ ثوابَ الحجِّ خاصةً في ظلِّ الأزماتِ الاقتصاديةِ، وها أنَا أزفُّ إليكُم بشرَى لمَن تقطعَ قلبُهُ، وذرفتْ عيناهُ شوقًا لزيارةِ بيتِ اللهِ الحرام، وقبرِ سيّدِ الأنامِ، لكنْ حالتْ السبلُ دونَ أداءِ تلك الشعيرةِ، وتلك الأعمالُ لا تكلفُكَ تأشيرةً ولا جُهدًا، منها:
أولًا: صدقُ النيةِ مع اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: فنيةُ الإنسانِ خيرٌ مِن عملهِ، فقد يحجُّ يعتمرُ ويصرفُ أمولًا طائلةً ولا يقبلُ منه لسوءِ نيتهِ، أو شبهةٍ في مالهِ، وقد صدَّرَ البُخاريُّ كتابَهُ: «الجامع الصحيح» بحديثِ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، فعلى النيةِ مدارُ قبولِ العملِ أو ردِّهِ، فإذا كان الحجُّ قد فاتَكَ هذا العام، فإنَّ أفعالَ الخيرِ كثيرةٌ، ووجوهَ البرِّ متعددةٌ فلا تفوتُك، وتفقدَهَا في الفقراءِ والمحتاجين، لتلحقَ بركبِ مِن الحجِّ، وقَبِلَ اللهُ منه عملَهُ فَغَفَرَ فعنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَدْخَلَ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سُرُورًا، لَمْ يَرْضَ اللَّهُ لَهُ ثَوَابًا دُونَ الْجَنَّةِ» .
ثانيًا: بـرُّ الوالـديـنِ: قد يحرصُ المسلمُ أو المسلمةُ على أدءِ الحجِّ، وينفقُ أموالًا كثيرةً كلَّ عامٍ، بينمَا تفتشُ في حالهِ تجدهُ لا يبرُّ والديهِ، ولا يعطفُ عليهمَا، ولا ينظرُ في أمرهِمَا، أيقبلُ اللهُ منهُ حجَّهُ وعملَهُ ؟ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي الْجِهَادَ وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَالَ: هَلْ بَقِيَ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ؟، قَالَ: أُمِّي، قَالَ: فَأَبْلِ اللَّهَ فِي بِرِّهَا، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ وَمُجَاهِدٌ، فَإِذَا رَضِيَتْ عَنْكَ أُمُّكَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَبِرَّهَا»، فتأملْ هذا الفقهَ النبويَّ الذي ما أحوجنَا إليهِ في زمنٍ ضجَّ بشكاوى الآباءِ والأمهاتِ بسببِ أولادِهِم، وسوءِ عقوقهِم، وعدمِ تحملهِم في كبرهِم بل قد يصلُ الأمرُ إلى رميهِم في الشوارعِ والطرقاتِ، أو إيداعهِم دارَ المسنين في حين أنْ أولادَهُم يرتعونَ ويمرحونَ بمَا كنزهُ لهمَا والديهم، وذاقَا مرارةَ الأيامِ والليالي لتأمينِ مستقبلهِم، فأين هذا كلّهُ مِن أدائهِ الحجَّ أو العمرةَ كلَّ عامٍ ؟!
ثالثًا: المكثُ في المسجدِ بعدَ صلاةِ الفجرِ حتّى الشروق، ثم صلاةُ ركعتين: روى الترمذيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ»، وليعلمَ المسلمُ أنَّ فعلَ ذلك يستويِ إذا ما أداهُ في مسجدٍ إنْ أمكن، وكذا مَن حبسَهُ العذرُ فصنعَ ذلك في بيتهِ، فالأجرُ سواءٌ خاصةً أنَّها صلاةُ نفلٍ، وقد بوَّب مُسْلِمٌ في صحيحهِ: «بَاب اسْتِحْبَاب صَلَاة النَّافِلَة فِي بَيْتِهِ، وَجَوَازِهَا فِي الْمَسْجِدِ»، ثم ساقَ حديثَ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» .
تابع / خطبة الجمعة القادمة 9 يونيو 2023 م
رابعًا: حضورُ صلاةِ الجماعةِ، والمشيِ إلى صلاةِ التطوعِ: فقد أخرجَ الإمامُ أحمدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ فَهِي كَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ» وفي رواية:«وَمَنْ مَشَى إِلَى سُبْحَةِ الضُّحَى كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ».
خامسًا: الأذكارُ بعدَ الصلاةِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَلَهُمْ فُضُولُ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، فَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ بِمِثْلِ عَمَلِكُمْ، تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» (مستخرج أبي عوانة، وأصله في الصحيحين) .
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّه أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، الَّلهُمَّ أَوْرِدْنَا حَوْضَهُ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهُ، وَأَنِلْنَا شَفَاعَتَهُ، وَاجْعَلْنَا فِي الجَنَّةِ بِجِوَارِهِ ﷺ، واجعلْ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر بأسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف